responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 497
ذَلِكَ عَلَى فَوْقِيَّةِ الْقُدْرَةِ حَسُنَ تَرْتِيبُ هَذِهِ النَّتِيجَةِ عَلَيْهِ فَظَهَرَ بِمَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَاهُ، لَا مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ التشبيه واللَّه أعلم.

[سورة الأنعام (6) : آية 19]
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَكْبَرَ الشَّهَادَاتِ وَأَعْظَمَهَا شَهَادَةُ اللَّه تَعَالَى. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ شَهَادَةَ اللَّه حَاصِلَةٌ إِلَّا أَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَدُلَّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الشَّهَادَةَ حَصَلَتْ فِي إِثْبَاتِ أَيِّ الْمَطَالِبِ فَنَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حُصُولَ شَهَادَةِ اللَّه فِي ثُبُوتِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حُصُولَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ فِي ثُبُوتِ وَحْدَانِيَّةِ اللَّه تَعَالَى.
أَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ:
فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رُؤَسَاءَ أَهْلِ مَكَّةَ قَالُوا يَا مُحَمَّدُ مَا وَجَدَ اللَّه غَيْرَكَ/ رَسُولًا وَمَا نَرَى أَحَدًا يُصَدِّقُكَ وَقَدْ سَأَلْنَا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى عَنْكَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ لَا ذِكْرَ لَكَ عِنْدَهُمْ بِالنُّبُوَّةِ فَأَرِنَا مَنْ يَشْهَدُ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ
وَقَالَ قُلْ يَا مُحَمَّدُ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً مِنَ اللَّه حَتَّى يَعْتَرِفُوا بِالنُّبُوَّةِ، فَإِنَّ أَكْبَرَ الْأَشْيَاءِ شَهَادَةً هُوَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِذَا اعْتَرَفُوا بِذَلِكَ فَقُلْ إِنَّ اللَّه شَهِيدٌ لِي بِالنُّبُوَّةِ لِأَنَّهُ أَوْحَى إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنَ وَهَذَا الْقُرْآنُ مُعْجِزٌ، لِأَنَّكُمْ أَنْتُمُ الْفُصَحَاءُ وَالْبُلَغَاءُ وَقَدْ عَجَزْتُمْ عَنْ مُعَارَضَتِهِ فَإِذَا كَانَ مُعْجِزًا، كَانَ إِظْهَارُ اللَّه إِيَّاهُ عَلَى وَفْقِ دَعْوَايَ شَهَادَةً مِنَ اللَّه عَلَى كَوْنِي صَادِقًا فِي دَعْوَايَ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُمْ طَلَبُوا شَاهِدًا مَقْبُولَ الْقَوْلِ يَشْهَدُ عَلَى نُبُوَّتِهِ فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ أَكْبَرَ الْأَشْيَاءِ شَهَادَةً هُوَ اللَّه، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ شَهِدَ لَهُ بالنبوّة وهو المراد من قَوْلُهُ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ فَهَذَا تَقْرِيرٌ وَاضِحٌ.
وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حُصُولَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّه تَعَالَى.
فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِمُقَدِّمَةٍ، وَهِيَ أَنَّا نَقُولُ: الْمَطَالِبُ عَلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ: مِنْهَا مَا يَمْتَنِعُ إِثْبَاتُهُ بِالدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ فَإِنَّ كُلَّ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ السَّمْعِ عَلَى صِحَّتِهِ امْتَنَعَ إِثْبَاتُهُ بِالسَّمْعِ، وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ.
وَمِنْهَا مَا يَمْتَنِعُ إِثْبَاتُهُ بِالْعَقْلِ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ يَصِحُّ وُجُودُهُ وَيَصِحُّ عَدَمُهُ عَقْلًا، فَلَا امْتِنَاعَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَصْلًا، فَالْقَطْعُ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِعَيْنِهِ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِالدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ، وَمِنْهَا مَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ بِالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ مَعًا، وَهُوَ كُلُّ أَمْرٍ عَقْلِيٍّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، فَلَا جَرَمَ أَمْكَنَ إِثْبَاتُهُ بِالدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ.
إِذَا عرفت هذا فنقول: قوله قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِي إِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْبَرَاءَةِ عَنِ الشُّرَكَاءِ وَالْأَضْدَادِ وَالْأَنْدَادِ وَالْأَمْثَالِ والأشباه.
ثم قَالَ: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَيْ إِنَّ الْقَوْلَ بِالتَّوْحِيدِ هُوَ الْحَقُّ الْوَاجِبُ، وَإِنَّ الْقَوْلَ بِالشِّرْكِ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: نُقِلَ عَنْ جَهْمٍ أَنَّهُ يُنْكِرُ كَوْنَهُ تَعَالَى شَيْئًا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُنَازِعُ فِي كَوْنِهِ تَعَالَى ذَاتًا مَوْجُودًا وَحَقِيقَةً إِلَّا أَنَّهُ يُنْكِرُ تَسْمِيَتَهُ تَعَالَى بِكَوْنِهِ شَيْئًا، فَيَكُونُ هَذَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 497
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست